
أنا بخير ياأبي ،أقرئك السلام بعد ألف آشتياق وحنين ،لقد طلبت الله ككل المساءات أن يسقي روحك وأن يعتني بها .
اليوم آشتريت باقة ورد وأهديتها لنفسي،هدية لي من أجل كل المعارك التي خضتها وظَفِرتُ بالفوز في خفاء ،كتبت لقبي “ميس الحنين “على ورقة بيضاء ووقعت الباقة بها ،لم أغير لقبي لحد الآن ..منذ رحيلك وأنا في حنين دائم يمزّقني أشلاء ثم يطويني مجددا ،أنا في آنكسار وثبات دائمين..
أكتب إليك هذا المساء بعد أن صادفت مقطعا من فيلم “Tafoukt “فتذكرت كيف دخلت المنزل فرحا ذاك المساء،مع أنك آقتنيت شريط فيلم بدل حلوى إخوتي الصغار ..ضحيت بفرحتهم من أجلي ،كنت فرحا وأنت تمدّه لي ،كل محاولاتك بأن ترسم خيال طفلة لايسع الأرض ولا حتى السماء قد باءت بالنجاح..
شاهدت الفيلم كأننا نشاهده معا ،كل المشاهد التي كنت تخفي فيها رغبتك بالبكاء،بكيت فيها ،لم تكن تقاوم مشاهد اليتم والفقد أبدا ،وأنا أتعمد عدم النظر إليك كي لا أخذش صلابة رجل ! لقد كبرت بما يكفي وتعلمت أيضا مقاومة الدمع امام كل مشاهد الفقد في حياتي ،حتى أنني تعمدت عدم البكاء أمام أمي وهي تشتاق إليك ،أخدت مكانك رغما عني !
لقد نضجت كثيرا ..تصلك رسالتي هاته وأنا واقفة في مناطقي الرمادية ،لا أحس بالحزن ولا أستشعر الفرح في أي شئ..أحس بالغرابة فقط !وككل رسالة سأجيبك عن سؤالك المعتاد !لماذا لم تنسي طيفي إلى الآن..ببساطة لأنه لا أحد أمسك بيدي كما فعلت ! كلّهم أفلتوني ،كنت أنهض كلّ مرّة لوحدي ،لقد كلّفني الكثير أن أتكئ على نفسي ،وأنْ أشُدّ على يدي بيدي الأخرى ..وأن أَقِف محاولة الثَبات من جديد ..
لكنّ الدفء غادرني..الطقس بارد في مقلتي ..
كن بخير إلى أنْ نلتقي ..